الحلقة الثالثة: نحن والأخر… والحق في الاختلاف

معين العماطوري
معين العماطوري

الأستاذ الدكتور عطا الله الرمحين

أستاذ الاعلام في جمعة دمشق

ثانياً: شهادات على نظرة الولايات المتحدة إلى نفسها وتعاملها مع الآخرين:

نشر صموئيل هانتنغتون أستاذ العلوم السياسية ومدير معهد الدراسات الاستراتيجية بجامعة هارفرد، مقالة في مجلة الأمن العالمي جاء فيها: يجب على الولايات المتحدة أن تعزز منزلتها الأولية بين دول العالم، وذلك في صالح المجموعة البشرية قاطبة، إذ هي الدولة الوحيدة تقوم هويتها القومية على مجموعة من القيم السياسية والاقتصادية ونعني بها الحرية والديمقراطية والمساواة والملكية الفردية واقتصاد السوق. وإن نشر الديمقراطية، ونصرة حقوق الإنسان وحماية قوانين السوق، هي من صميم السياسة الأمريكية، تتفوق بها على سائر الدول».

لو التفتنا إلى جزر الكاريبي جنوب الولايات المتحدة، واعتبرنا بما كتبه نعوم تشومسكي الأستاذ الأمريكي في معهد التكنولوجيا في ماساشوستس (بوسطن)، لقرأنا في رسالته بعنوان مسؤوليات المثقفين ( ) …. لم يكن في البلاد تهديد روسي … لم يكن في البلاد تهديد روسي بلشفي عندما أقدم الرئيس وودرو ولسون على احتلال «هايتي» وجمهورية الدومينيك وقضى فيهما على النظام البرلماني وذلك بسبب رفض البرلمان المصادقة على دستور «تقدّمي» يعطي الطابع الشرعي لاحتلال الأراضي الزراعية من طرف الأمريكيين. وقد أدّى ذلك إلى قتل آلاف المزارعين وإلى بعث نظام الرق والاستعباد وأصبحت البلاد مزرعة أمريكية بأيدي طابور من الإرهابيين… ثم جاء الرئيس بوش الأب فهجم على باناما وأطلق فيها يد عصابة من أهل البنوك وتجار المخدرات، وعهد بالسلطة إلى حكومة مزيفة لتظل البلاد إلى اليوم خاضعة للحكم العسكري.

أما البرازيل عملاق الجنوب، فهو أحق بلاد الدنيا بالاستغلال كما جاء في مقالة في جريدة وال ستريت ( Wall Street) للرأسمالية المالية، لما في هذا البلد من موارد هائلة وإمكانيات واسعة . وقد أصبح هذا القطر الغني مخبراً مناسباً لتطبيق الأساليب العلمية للتنمية الصناعية، حسب عبارة الدبلوماسي الأمريكي جيرار هاينس، ومجالا فسيحا لتطوير النظام الرأسمالي العالمي. وقد حققت التجربة في رأي هذا المؤرخ نجاحاً باهراً إلى غاية عام ۱۹۸۹ ، ثم انقلبت الآية وانعكس الرأي فأصبح الدبلوماسي نفسه يرى في انهيار الاقتصاد البرازيلي مثالاً على فشل الاقتصاد المسيَّر من قبل الدولة المتأثر بالمبادئ الماركسية. وقد بات الجزء الغالب من سكان البرازيل معدودين في أكثر شرائح المجتمع المعاصر خصاصة، وأشدها بؤساً ولا يخفي جيرار هاينس كما ورد في كتاب نعوم تشومسكي أن الهدف من الاستثمار لدى أصحاب القرار الأمريكيين هو القضاء على كل منافسة اجنبية في أمريكا الجنوبية، لتكون فضاء تجارياً عريضاً للفائض من السلع الأمريكية، ومجالاً للاستثمارات الخاصة، قَصْدَ الاستفادة من المخزون الهائل من الخامات والموارد الطبيعية. وتظل حِمَىً ممنوعة على «الاشتراكية الدولية». يضيف نعوم تشومسكي حول البرازيل (٦) : ( إن التجارب الصناعية للولايات المتحدة اصطدمت في الستينيات بنظام الديمقراطية النيابية. فلم تتردد حكومة جون كيندي وحكومة جونسون، من بعده، بإطاحة هذا النظام المعرقل، واستبداله بحكومة عسكرية مكونة من قُوَّادٍ نازيين سابقين، ففتحت عهداً جديداً للتقتيل والتعذيب على أوسع نطاق . وانتشرت العدوى من البرازيل إلى سائر دول أمريكا الجنوبية. كان الهدف من ذلك كله حسب النظرية الرسمية التي عبر عنها الأستاذ الجامعي الأمريكي لارس شولتز، المتخصص في حقوق الإنسان هو حماية ديمقراطيات السوق من المخاطر المتربصة بها»، أو كما قال السفير الأمريكي لنكولن جوردون إنما كان القصد من الانقلاب هو حماية الديمقراطية في البرازيل وليس إطاحتها».

شارك المقال
اترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *