نقاط القوة والضعف في الاعلان الدستوري

مجلة الشمعة
مجلة الشمعة - مجلة الشمعة

معين حمد العماطوري
رئيس نحرير مجلة الشمعة
مقدمة:
بعد انتظار طويل للسوريين وسقوط النظام البائد في الثامن من كانون الاول من العام الفائت، جرى يوم امس 13 اذار من عام 2025 حفل توقيع الرئيس احمد الشرع على الاعلان الدستوري الذي يتضمن مقترح مسودة الدستور، بغية عرضه على مجلس الشعب لفترة انتقالية حددت بخمس سنوات…والذي لم يحدد فيه شكل الدولة هل نحن امام دولة مدنية ام دولة دينية؟
ووفق البنود الواردة فان شكل الدولة والواضح هي دولة دينية متطرفة وفق المذاهب وفتاوى الاصولية المتشددة..
تضمن الاعلان الدستور مجموعة من النقاط الحاملة القوة والضعف، وما يعكسه من ايجابيات وسلبيات على الواقع السوري الاقتصادي والسياسي والخدمي، ومطالب الشعب في تحديد مضامين المواد التي تعنى بشكل النظام الرئاسي او شبه الرئاسي وفصل السلطات والحريات ووحدة الاراضي السورية والفقه الاسلامي مصدر التشريع الرئيس ودين رئيس الجمهورية الاسلام وغيرها…
نقاط الضعف والقوة في مسودة الدستور الموقعة:
بعد دراسة معمقة للاعلان الدستوري والاستعانة بتحليل الذكاء الاصطناعي chat gpt للإعلان الدستوري السوري وتحديد النقاط الإيجابية والسلبية تم التوصل الى ما يلي:
أولًا: النقاط الإيجابية

  1. التأكيد على وحدة الدولة وسيادتها (المادة 1):
    • يرسّخ مبدأ السيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية، ما يعزز الاستقرار السياسي.
  2. المساواة أمام القانون (المادة 6):
    • ضمان المساواة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين، دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس، مما يدعم المواطنة المتساوية.
  3. تكريس مبادئ العدالة الانتقالية (المادة 10):
    • يشير إلى محاسبة المجرمين وإنصاف الضحايا، وهي خطوة ضرورية لتحقيق المصالحة الوطنية بعد الصراع.
  4. الالتزام بالعدالة الاجتماعية والاقتصاد الحر (المادة 8):
    • يوازن بين اقتصاد السوق ودور الدولة في منع الاحتكار ودعم التنمية المستدامة.
  5. احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية (المواد 13-19):
    • يضمن حرية التعبير، حرية الصحافة، المشاركة السياسية، وحقوق المرأة والطفل، ما يعزز الديمقراطية وحقوق الأفراد.
  6. الفصل بين السلطات (المواد 20-40):
    • ينص على سلطة قضائية مستقلة، مما يدعم سيادة القانون ويمنع تدخل السلطة التنفيذية في القضاء.
  7. إلغاء المحاكم الاستثنائية (المادة 36 والمادة 38):
    • يحظر إنشاء محاكم استثنائية ويحل محاكم الإرهاب، مما يعزز ضمانات المحاكمة العادلة.
  8. احترام الملكية الفردية (المادة 19):
    • ينص على عدم نزع الملكية إلا للمنفعة العامة وتعويض عادل، مع ضمان الحق في اللجوء للقضاء.
  9. ضمان الحريات الدينية (المادة 7):
    • يؤكد احترام الأحوال الشخصية للطوائف الدينية، ما يعزز التعددية الدينية في المجتمع.
    ثانيًا: النقاط السلبية
  10. دين رئيس الجمهورية الإسلام (المادة 2):
    • يفرض قيدًا على الترشح لمنصب الرئيس، ما يحدّ من مبدأ المساواة في الحقوق السياسية لجميع المواطنين بغض النظر عن دياناتهم.
  11. اعتماد الفقه الإسلامي كمصدر رئيسي للتشريع (المادة 2):
    • قد يؤدي إلى تفسيرات دينية متشددة في بعض القوانين، مما قد يتعارض مع حقوق الأقليات أو المبادئ الحديثة لحقوق الإنسان، والانجرار نحو استخدام العنف التطرفي بحجة التقيد بتنفيذ الشريعة.
  12. تعيين مجلس الشعب من قبل رئيس الجمهورية (المادة 20): وهذا الغاء واقصاء الى دور السعب في اختيار ممثليه في البرلمان وتحديد صلاحياتهم وفق طرق واساليب التعيين.
    *كما يمكّن السلطة التنفيذية من التحكم في التشريع، مما يضعف استقلالية السلطة التشريعية.
  13. صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية (المواد 26-34):
    • يتمتع الرئيس بسلطات كبيرة، مثل إصدار القوانين، الاعتراض عليها، منح العفو، وتعيين المجلس التشريعي المؤقت، مما يضعف مبدأ الفصل بين السلطات….اضافة الى عدم المساس او مسألة رئيس الجمهورية فما هو الفارق بين ذلك والمادة ١٧ التي كانت بدستور بشار الاسد القاضي بان رئيس الجمهورية غير مسؤول عن الاعمال التي يقوم بها…وبالتالي من يحاسب الرئيس اذا ارتكب جرائم حرب او مخالفات في قوانين الدستور
  14. عدم وجود آلية واضحة لإجراء الانتخابات (المادة 14):
    • رغم ان النص ورد فيه على تشكيل لجنة لإعداد قانون الأحزاب، إلا أنه لم يتم تحديد جدول زمني أو ضمانات لتنظيم انتخابات ديمقراطية في المستقبل القريب….وترك الامر للزمن والتسويف دون ايضاح في ذلك بشكل واضح…
  15. عدم ذكر دور المجتمع المدني والصحافة المستقلة بوضوح (المادة 13):
    • رغم ضمان حرية التعبير، فإن الإشارة إلى تنظيمها “وفق القانون” قد يُستخدم لتقييدها بشكل مبالغ فيه.
    ايضا كان الصحفي يحمل حصانة كالقاضي في عمله، الان هو يسمح له بالنشر نشر ماذا وفق ما يريده الوزير او المحافظ او المسؤول او وفق ما تقتضيه المهنية الاعلامية في توثيق اللحظة والعمل على اجراء تحقيقات تكون بمثابة تبليغ رسمي الى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، او المكتب المركزي للرقابة المالية…
    والاهم تبعيه الصحافة الى وزارة الاعلام ام مجلس وطني للاعلام ام الى اتحاد الصحفيين…من يحمي الصحفي قانونيا …كونه السلطة الرابعة وهي مستقلة وفق بند فصل السلطات والحريات…فما هي معايير التنظيم الاعلامي…
  16. عدم تحديد معايير واضحة للعدالة الانتقالية (المادة 10):
    • النص على “تحقيق العدالة وتكريم الشهداء” دون تفاصيل حول آليات المحاسبة قد يسمح بتفسيرات فضفاضة تؤثر على المصالحة الوطنية….الشهداء الذين استشهدوا دفاعا عن الوطن بالحرب ضد اسرائيل او ضد الدواعش ماذا نسميهم؟
  17. عدم وضوح مدة المرحلة الانتقالية وآلية إنهائها:
    • لم يتم تحديد إطار زمني واضح لنهاية المرحلة الانتقالية أو معايير الانتقال إلى دستور دائم….
  18. عدم وجود تفاصيل كافية حول استقلالية القضاء (المادة 35):
    • رغم النص على استقلال القضاء، لم يتم تحديد ضمانات فعلية لمنع التدخل السياسي فيه.
    ولعل هذه المادة تحتاج الى تفسير وتوضيح وراي بذلك اذ كيف يمكن فصل السلطة القضائية وهي التي تتبع الى وزارة العدل وبدورها تتبع الى الحكومة او رئيس الجمهورية، والدستور ينص لا سلطة على القضاء الا سلطة القانون…
    والاهم من يحاسب السلطة التنفيذية والتشريعية ورئيس الجمهورية في حال مارست السلطات المخالفات الدستورية والقانونية…
    ومن يشكل المحكمة الدستورية العليا مجلس الشعب المعين من الرئيس او من الرئيس نفسه…وما هي معايير وشكل المحكمة الدستورية العليا وكيفية انتقاء عناصر المحكمة…
    هل عدنا كما قال الشاعر:
    يا اعدل الناس الا في معاملتي
    فيك الخصام وانت الخصم والحكم
    وبالتالي يكون مبدا فصل السلطات كلمة حق يراد بها باطل…اي اذا الشعب قد تخلص من نظام الفساد ربما يقع بين كماشة الاستبداد خاصة وان مصدر التشريع الرئيس هو الفقه الاسلامي الذي يتضح بالتشدد وليس الوسطية والاعتدال.
    نستنتج ان مسودة الدستور تتضمن نقاطًا إيجابية تدعم مبادئ العدالة الاجتماعية، حقوق الإنسان، الحريات العامة، واستقلال القضاء، لكنها تعاني من ثغرات خطيرة أبرزها تركيز السلطة بيد الرئيس، غياب آليات واضحة للانتقال الديمقراطي، وضعف الضمانات لاستقلالية المؤسسات وهي بحاجة لتوضيح وتفسير اكثر، لتحقيق دستور ديمقراطي شامل، يجب ان يتخلل تعزيز استقلال السلطات، وتقليل من سلطات الرئيس، وتحديد جدول زمني للانتخابات، وضمان التعددية السياسية الحقيقية.
    هذا الاعلان الدستوري يحتاج الى اعادة النظر في احترام راي الاقليات وضمان حقوقهم وليس تضمين جمل انشائية سردية….من جهة واخرى لابد من تعديل المواد الاولية كدين رئيس الجمهورية واستبدال كلمة الدولة بالجمهورية …فماذا يعني دين رئيس الدولة والاصح الجمهورية …
    فهل حقا انتقلنا من نظام الفساد والافساد الى نظام اللون الواحد والاستبداد؟
    ومن حلم الدولة العلمانية المتطورة، الى دولة متباينة بين المدنية والدينية، والاقرب في التوجه والمضمون نحو التطرف الديني، اي ان شكل الدولة بات واضحا انها دولة دينية متشددة…وبالتالي حلم السوريين تبدد فولد فأرا…
    اسئلة مطروحة وتحتاج الى اجوبة مقنعة ولا تسويف في علاجها، والا فان اعمدة الساحات ما زالت قائمة..
شارك المقال
اترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *