الأستاذ الدكتور عطا الله الرمحين
أستاذ الاعلام في جامعية دمشق
يقترن بالإثم والجريمة كل اختلاف في نظر الغالبية من الساسة الغربيين حكامهم على رأس الدول، ونخبهم الفكرية في القيادات الحزبية وفي وسائل الإعلام، وأصحاب القرار في المؤسسات الاقتصادية. وباتت المغايرة مدعاة إلى السلوك الإقصائي، ومبعثاً على الريبة والاستنقاص. فلم يعد الإثم ناتجاً عن جريرة مقترفة وعن فعل منافٍ للقانون أو خارج عن الأعراف الأخلاقية، بل أصبحت الجريمة متعلقة بالذات الفردية ومترتبة على خصائص الهوية. فهو مجرم أو إرهابي أو مارق من القانون لمجرد كونه أسود البشرة أو شرقي الملامح أو مسلم الديانة، مثلما كان اليهودي في ألمانيا النازية عرضة لهذا التأثيم من حيث إنه يهودي الانتساب، حتى لو كان جاهلاً لتعاليم التوراة أو زاهداً في شواهد الهوية العبرية. وقد ناب التركي المهاجر إلى ألمانيا الديمقراطية عن يهودي النازية للمثول بعده في قفص الاتهام. وأصبح عرضة للتأثيم والتجريم. فلا تحدث حادثة سطو أو سرقة أو جريمة قتل بإحدى الحواضر الألمانية إلا وتبادر سلطات الأمن بتوجيه التهمة إلى مواطن من أصل تركي، مثلما تفعل سلطات الأمن بفرنسا تجاه المغتربين العرب من بلاد المغرب، ومثلما تفعل السلطات البريطانية النازحين المسلمين من باكستان أو من العراق وغيرهما من أوطان الإسلام والعروبة ومثلما تفعل بالنازحين إلى ديارها من الآخرين والمغايرين الشعوب الإيطالية والإسبانية والبلجيكية وأنظمتها. فباتت البلاد الأوروبية، جلها لا كلها، شبيهة بالقلعة المحصنة، أبوابها مغلقة ومطاراتها ومراسيها في وجه الآخر الدخيل، النازح إليها من أوطان البطالة والخصاصة، والفار من حواضر الكبت السياسي وعواصم التصحر الثقافي والانفراد بالحكم. وتوحدت التشريعات الأمنية بين أعضاء الاتحاد الأوروبي لوقاية أراضيها من أفواج الغرباء الناجين من قوارب الهجرة والموت، ولحفظ مجتمعاتها من عناصر الإرهاب المتربصة بهم في أمنهم واطمئنانهم إلى أرزاقهم ونعمة الحرية.”